كيف يمكنُ التعاملُ مع امرأةٍ تُؤْذِي جميعَ أفراد العائلة بِشَرِّهَا واستعمالها السحر، رغم أنّ أفرادَ العائلةِ كلَّهم مسالِمون؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجـواب

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإذا تحقَّقَ مَنْ يُسَاكِنُهَا مِن استعمالها السحرَ وفسادِها به أن يَرفع أمرَها إلى وَلِيِّ الأمر ليُنْـزِلَ عليها ما تستحقُّه من عقوبةٍ جَزَاءَ عَمَلِهَا، والواجبُ على وليِّ الأمر تخليصُ المجتمعِ من فسادِ السحرةِ، ليَسْلَمَ الناسُ من شرِّهم، وإلاَّ فينبغي اجتنابها واتقاءُ شرِّها في حدود الإمكان. واللهُ المستعان؛ ذلك لأنّ السّحر محرَّمٌ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع، قال الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102]، وقال تعالى: ﴿وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: 69]، وقال الله تعالى عن موسى مع سحرة فرعون: ﴿فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 81]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ: الشِّرك بِاللهِ، وَالسِّحْر...»(١- أخرجه البخاري في «الوصايا»: (2615)، ومسلم في «الإيمان»: (89)، وأبو داود في «الوصايا»: (2874)، والنسائي في «الوصايا»: (3671)، وابن حبان: (5561)، والبيهقي: (12935)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
وذَكَرَ الإمامُ النوويُّ إجماعَ العلماءِ على تحريم السِّحْرِ، وهذا كلُّه إذا كان سِحْرُها بواسطة الشياطين فإنَّها تكفر، ولكن إذا كان سحرها بالأدوية والعقاقير فلا تكفر، وإنَّما تكون عاصية.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيِّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الشيخ أبو عبد المعز فركوس الجزائري